لماذا سورة الفاتحة مكية وما هي أقوال العلماء حولها

لماذا سورة الفاتحة مكية ؟ وهل يرى بعض العلماء أن سورة الفاتحة مدنية؟ هذه أحد أهم الأسئلة التي تهم رجال الدين نظرًا لوجود آراء مختلفة حول مكان نزول هذه السورة لذا سيصحبكم موقع شملول عبر جولة قصيرة لنتعرف سويًا من خلالها على إجابة سؤال هل نزلت سورة الفاتحة في مكة، كما سنتطرق لمعرفة آراء العلماء حول مكان نزول هذه السورة، كل ذلك وأكثر ستجده في السطور التالية.

لماذا سورة الفاتحة مكية

لماذا سورة الفاتحة مكية

سورة الفاتحة من السور التي اختلف السلف الصالح، وعلماء التفسير إذا كانت سورة الفاتحة مكية أم مدنية، ولكن القول الراجح عند معظم العلماء أنها مكية، وذكروا بعض الأدلة على أن سورة الفاتحة مكية، ونذكر منها:

  • جمهور العلماء على أن الصلاة فرضت في مكة قبل هجرة الرسول صلى الله عليه إلى المدينة المنورة، ولا تصح الصلاة إلا بالفاتحة، فيكون بذلك القول الراجح على أن سورة الفاتحة مكية.
  • جاء في سورة الحجر آية عن سورة الفاتحة.. حيث قال الله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)”، وسورة الحجر مكية بالإجماع، وقد فسر الرسول صلى الله عليه وسلم أن السبع المثاني هي فاتحة الكتاب.
  • من رجال السلف الصالح الذين قالوا أنه سورة الفاتحة مكية، وذكرهم القرطبي وغيره من المفسرون: ابن عباس وقتادة وأبو العالية.. وغيرهم، ومن المحققين الذي رجح القول بمكية السورة ابن كثير، وابن تيمية، وابن حجر، والبيضاوي.
  • يؤكد القول بمكية سورة الفاتحة ما ذكره “القرطبي” في “الجامع لأحكام القرآن” (1/ 115) : ” وَلَا خِلَافَ أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ كَانَ بِمَكَّةَ. وَمَا حُفِظَ أَنَّهُ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ قَطُّ صَلَاةٌ بِغَيْرِ” الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ”، يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (لَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ). وَهَذَا خَبَرٌ عَنِ الْحُكْمِ، لَا عَنْ الِابْتِدَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ “.
  • لا خلاف على أن الصلاة فرضت في مكة، وقد مكث الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة عشر سنوات، ولم يثبت عن الرسول وصحابته أنهم صلوا صلاة بغير سورة الفاتحة.

أقوال العلماء عن مكان نزول سورة الفاتحة

من خلال ما يلي سوف نعرض أربع آراء حول المكان الذي نزلت فيه سورة الفاتحة:

  1. عند طرح سؤال هل سورة الفاتحة سورة مكية.. نجد أن نزلت جميع آياتها في مكة، وهذا ما عليه أكثر العلماء.
  2. سورة الفاتحة سورة مدنية، لقد نزلت جميع آياتها في المدينة بعد الهجرة، وهذا ما عليه قليل من السلف الصالح وبعض علماء الدين.
  3. سورة الفاتحة مكية ومدنية.. حيث نزلت مرتين مرة بمكة المكرمة، ومرة بالمدينة المنورة.
  4. سورة الفاتحة نزل نصفها بمكة، ونصفها الآخر في المدينة.

الرد بالدليل على أقوال العلماء عن مكان نزول سورة الفاتحة

سبق ذكر أقوال علماء الدين في القول الأول أن سورة الفاتحة مكية وأن ما عليه القول الراجح واختاره كثير من أهل العلم، أما القول الثاني بأن سورة الفاتحة مدنية، سنبين رد العلماء عليه فيما يلي:

  • نسب إلى أبي هريرة القول بأنها سورة مدنية، فعن مجاهد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: “رنَّ إبليس حين أنزلت فاتحة الكتاب، وأنزلت بالمدينة”، وبين علماء الحديث أن لكل عالم هفوة، وأن هذا القول تفرد به مجاهد عن أبي هريرة، ولأنه لا يوجد ما يقويها مع غرابتها فلا يستدل بها.
  • يرى الزهري أن سورة الفاتحة تعتبر من أول السور التي نزلت في المدينة، واستدل بدليل في إسناده الوليد بن محمد الموقّري وهو متروك الحديث.
  • استدل ابن عطية في تفسيره لسورة الفاتحة بقول عطاء بن يسار وسوادة بن زياد البرجمي على أن سورة الفاتحة سورة مدنية، ولا يوجد لروايته عنهما أصلًا في كتب علماء الحديث، واستغرب ابن حجر نسبة هذا القول إليهما.
  • أما القول الثالث بأن سورة الفاتحة نزلت مرتين مرة في مكة ومرة في المدينة، ونقل هذا الراي كثير من علماء التفسير، وخلاصة قول العلماء أن هذا القول فيه ضعيف، كما أن القول بتكرار النزول لا يصح إلا بدليل صحيح ثابت.
  • أما القول الرابع نقله المفسرون أيضًا في بعض كتب التفسير كالقرطبي وابن كثير، ولكن من باب جمع ما قيل ، وليس إقرار منهم بهذا القول، وقد قال به أبو الليث السمرقندي في تفسيره، ولم ينسبه أبو الليث إلى أحد.. فهو مما لا أصل له من الأقوال، ولا يصح الاحتجاج به.

نستخلص مما سبق أن الجمهور العلماء على أن سورة الفاتحة سورة مكية، والذي قال بغير ذلك أثبت أصحاب القول الراجح عدم وجود دليل ثابت واضح صحيح يمكن الاحتجاج به، أما الأدلة على أن  سورة الفاتحة سورة مكية لا طعن فيها ويقوي بعضها بعضًا، والله أعلم بما فيه الصواب، وهو ولي ذلك.

سورة الفاتحة والقرآن العظيم

إن سورة الفاتحة سبع آيات جاء عن فضل تلاوتها أحاديث كثيرة، وتكلم علماء التفسير عنها، فبها يصلي المسلمون جميع صلواتهم الفرض والنفل ولا تصح صلاة إلا بها، وهي من خير ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم ومن قبله من الأنبياء.

تعددت أسماء سورة الفاتحة، وقال الإمام البغوي في (معالم التنزيل): “ولها ثلاثة أسماء معروفة: فاتحة الكتاب، وأم القرآن، والسبع المثاني.”، فسميت فاتحة الكتاب لأن القرآن الكريم يفتتح بها، كما يفتتح بسورة الفاتحة القراءة في الصلاة بها، وخصها الله سبحانه وتعالى في قوله: “وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)”

كما سميت أم القرآن، وأم الكتاب؛ لأن آياتها مقدمة القرآن الكريم، وإمام لما بعدها من الآيات والسور، وقيل عن معنى مثاني أي تقرأ في كل ركعة، وقيل بل لأن الله سبحانه وتعالى استثناها لهذه الأمة دون غيرها من الأمم.

بين علماء التفسير أن الله سبحانه وتعالى افتتح كتابه بسورة الفاتحة لما فيها من جوامع الكلم.. حيث جمعت في ألفاظها مقاصد القرآن الكريم كلها، وكأن القرآن الكريم تفصيلًا لما جاء مجملًا في آياتها.

قال القرطبيُّ عن سورة الفاتحة: “سُمِّيت بذلك؛ لتضمُّنها جميعَ علوم القرآن؛ وذلك أنها تشتمل على الثَّناء على الله عزَّ وجلَّ بأوصاف كماله وجلاله، وعلى الأمر بالعبادات والإخلاصِ فيها، والاعترافِ بالعجز عن القِيام بشيءٍ منها إلَّا بإعانته تعالى، وعلى الابتهالِ إليه في الهدايةِ إلى الصِّراط المستقيم، وكفايةِ أحوال الناكثين، وعلى بَيانِ عاقبة الجاحِدين”.

كما بينوا أن سورة الفاتحة فيها من براعة الاستهلال.. فكأنها مقدمة للقرآن الكريم  أو ديباجة لخطبة، وهذا من بلاغة القرآن الكريم أن الذي أنزله الله سبحانه وتعالى في 113 سورة قرآنية تأتي بعدها فيها من الآيات والأحكام والإعجاز مجموع في سورة من سبع آيات، والله أعلم.

القراء الذين اطلعوا على هذا الموضوع قد شاهدوا أيضًا:

فضائل سورة الفاتحة

لماذا سورة الفاتحة مكية

ورد عن فضل سورة الفاتحة أحاديث كثيرة صحيحة عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ووضح فيها فضلها وفضل تلاوتها حتى ينتفع المسلمون، ومن فضائلها:

  • جاء في الحديث النبوي الشريف أنها نور ولم يؤت نبي قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بمثل ما جاء فيها، فسورة الفاتحة من المنح الربانية التي منحها الله سبحانه وتعالى لأمة محمد صلى الله عليه وسلم من الثواب العظيم، والأجر المضاعف.
  • فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: “بينما جبريلُ قاعدٌ عند النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، سمِع نقيضًا من فوقه؛ فرفَع رأسَه، فقال: هذا بابٌ من السَّماء فُتِح اليوم، لم يُفتح قطُّ إلَّا اليوم، فنزل منه مَلَك، فقال: هذا ملَكٌ نزل إلى الأرض، لم ينزلْ قطُّ إلَّا اليوم، فسلَّم، وقال: أبشِرْ بنورَينِ أوتيتَهما، لم يُؤتَهما نبيٌّ قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لن تَقرأ بحرفٍ منهما إلَّا أُعطيتَه”.
  • سورة الفاتحة لا تصح الصلاة إلا بها، فهي ركن من أركان الصلاة، فسورة الفاتحة تقرأ في كل ركعة في كل الصلوات، وهذا دليل على عظمتها ومكانتها، وعن عُبادةَ بنِ الصامتِ رضي الله عنه، أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال: “لا صَلاةَ لِمَن لم يقرأْ بفاتحةِ الكِتابِ”.
  • إن سورة الفاتحة مناجاة بين العبد وربه في الصلاة، وكل آية فيها لها فضل كبير عند الله سبحانه وتعالى.
  • جاء في السنة النبوية الشريفة أن سورة الفاتحة رقية شافية بإذن الله تعالى، كما جاء في فضلها أن الدعاء بعدها مستجاب بإذن الله تعالى.

قدما لكم فيما سبق موضوع عن لماذا سورة الفاتحة مكية، وقد ذكرنا فيه أقوال العلماء عن مكان نزول سورة الفاتحة.. بالإضافة إلى أننا عرضنا الرد بالدليل على أقوال هؤلاء العلماء، كما أننا قد تعرفنا على كافة فضائل سورة الفاتحة التي وردت في الأحاديث الصحيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة المرجوة وأجبنا عن سؤال هل نزلت سورة الفاتحة في مدينة مكة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *