ما فضل سورة الدخان قبل النوم؟ وما هي الأحاديث التي ورد عن فضل سورة الدخان فيها؟ وما مدى صحة هذه الأحاديث؟ تلك هي أحد الأسئلة الهامة التي عادةً ما تطرح حول سورة الدخان.. والتي اهتم العلماء والمفسرين بالإجابة عنها، لذا فمن خلال الجولة التي سيصحبكم بها موقع شملول سيمكنكم الاطلاع على فضل تلك السورة القرآنية، وبعض المعلومات الخاصة بهذا الشأن.
فضل سورة الدخان قبل النوم
إن فضل قراءة القرآن فضل عظيم، فهو كلام الله -سبحانه وتعالى- الذي أوحى به لعبده ونبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة.
فكل حرف يقرأه المسلم من كتاب الله -عز وجل- له أضعاف مضاعفة من الحسنات، فعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم – قال: “منْ قرأَ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ، والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ آلم حرفٌ، ولَكِن ألِفٌ حرفٌ، ولامٌ حرفٌ، وميمٌ حرفٌ“.
هذا الثواب العظيم في تلاوة آيات القرآن الكريم.. فكل حرف من حروفه يحصل المسلم على حسنات مضاعفة ثوابًا له على قراءته لهذا الحرف.. هبة وفضل من الله يؤتيه الله لعباده المؤمنين.
أما عن فضل قراءة سورة الدخان قبل النوم.. فقد وردت أحاديث كثيرة لم يثبت كونها من الأحاديث الصحيحة، حيث روي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في فضل تلاوتها دون سائر سور القرآن الكريم، وإنما جميعها أحاديث إما ضعيفة أو منكرة أو موضوعة.
إنما فضل قراءة سورة الدخان كفضل تلاوة جميع آيات وسور القرآن العظيم كله من الانتفاع بأجر التلاوة.. والاستفادة من العظات والعبر في آيات السورة الكريمة، قال -تعالى- في آخر سورة الدخان: “ فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (58) فَارْتَقِبْ إِنَّهُم مُّرْتَقِبُونَ (59)”.
الأحاديث الواردة في فضل سورة الدخان قبل النوم
هناك عدة أحاديث تنسب روايتها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- نقرأها في الكتب، ونسمع عنها من بعض الناس.. ولكننا يجب أن نسأل أنفسنا هل هذه الأحاديث صحيحة أي صحت روايتها عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أم أثبت علماء الحديث عدم صحتها.
إن علماء الحديث -جزاهم الله عن الأمة الإسلامية خير الجزاء- بذلوا جهودًا كبيرة في بيان الصحيح من الأحاديث النبوية الشريفة وغيرها من الأحاديث التي لا دليل راجح على صحة نسبتها إلى الرسول.
كما وضعوا أسسًا وأصولًا واضحة في علم الحديث لقبول صحة الحديث أم عدم قبوله.. وفيما يلي نذكر لكم الأحاديث التي وردت عن فضل سورة الدخان قبل النوم.. ومن خال النقاط المقبلة سنذكر لكم رأي المحدثين في إسنادها:
- “مَن قرأَ حم الدُّخانَ ليلةِ الجمعةِ غفرَ لَهُ“ رواه الترمذي من طريق هشام أبي المقداد -يضعفه علماء الحديث- قال الترمذي لا نعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه.
- “مَن قرأَ حم الدُّخانَ في ليلةٍ أصبحَ يستغفرُ لَهُ سبعونَ ألفَ ملِكٍ” رواه الترمذي أيضًا، وقال عنه أنه حديث غريب.. وفي إسناده عمر بن أبي خثعم -يضعفه علماء الحديث- وحكم ابن الجوزي والألباني بأنه موضوع.
- “مَن قرأَ حم الدُّخانَ في ليلةِ الجمعةِ أو يومِ الجُمعةِ بنى اللَّهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ” أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وفي سنده فضالة بن جبير.. وهو من الأحاديث الضعيفة جدًا.
- “مَنْ قَرَأَ الدُّخَانَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ أَصْبَحَ مَغْفُورًا لَهُ، وَزُوِّجَ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ” أخرج هذا الحديث الإمام الترمذي في الموضوعات.. كما ضعفه الحافظ في تخريج الكشاف.
من خلال تخريج الأحاديث السابقة.. كما جاءت في كتب علماء الحديث يتضح أنه لم يصح حديث عن فضل سورة الدخان قبل النوم .. كذلك لم يرد أي حديث عن فضل تلاوة سورة الدخان في الليل.
سورة الدخان
سورة الدخان هي سورة مكية باتفاق العلماء.. وعدد آياتها تسع وخمسين آية، وهي السورة الرابعة والأربعين في ترتيب المصحف الشريف.. كما أنها من سور الحواميم السبعة المتتالية.
الجدير بالذكر أنه تسمى بسورة (حم الدخان)، وسبب تسميتها بهذا الاسم -كما قال علماء التفسير– هو أن جاء في آياتها لفظ الدخان.. في قول الله -تعالى-: “ فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ (10)“.
اختلف علماء التفسير في سبب تسمية السورة بهذا الاسم، والمقصود من الدخان.. وانقسمت آراءهم على قولين:
القول الأول
أن الدخان علامة من الله -تعالى- على صدق نبوة الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- وآية من آياته التي أيده بها.. وهذا ما رواه عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- في الحديث الذي ثبت صحة نسبته إلى ابن مسعود أنَّه قال:
“إنَّما كانَ هذا، لأنَّ قُرَيْشًا لَمَّا اسْتَعْصَوْا علَى النبيِّ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- دَعَا عليهم بسِنِينَ كَسِنِي يُوسُفَ، فأصَابَهُمْ قَحْطٌ وجَهْدٌ حتَّى أكَلُوا العِظَامَ،
فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَنْظُرُ إلى السَّمَاءِ فَيَرَى ما بيْنَهُ وبيْنَهَا كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ مِنَ الجَهْدِ، فأنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: “فَارْتَقِبْ يَومَ تَأْتي السَّمَاءُ بدُخَانٍ مُبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذَابٌ ألِيمٌ” رواه البخاري.
القول الثاني
إن الدخان علامة من علامات يوم القيامة، وأورد الطبراني قال حذيفة: يا رسول الله، وما الدخان؟ فتلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية: فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاء بِدُخَانٍ مُّبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ، يملأ ما بين المشرق والمغرب،
يمكث أربعين يوماً وليلة، أما المؤمن؛ فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر؛ فيكون بمنزلة السكران؛ يخرج من منخريه وأذنيه ودبره”.
لكن القول الثاني لم يرويه الشيخان.. وقال ابن جرير أنه لو صح هذا الحديث لكان فاصلًا في تفسير الآية، واختاره بعض علماء التفسير في تفسيرهم.
القراء الذين اطلعوا على هذا الموضوع قد شاهدوا أيضًا:
المقاصد الهامة في سورة الدخان
إن كل سورة من سور القرآن الكريم تكون الآيات فيها ذات مقاصد لها شأن عظيم.. يريد الله -سبحانه وتعالى- أن يعلمها المسلمون واستبشروا بها، ويتبعون أوامره التي جاءت فيها، ويتجنبون ما نهى الله عنه.
كذلك يكون فيها من الآيات التي فيها من التحذير والوعيد من عاقبة الكفر به.. وعدم اتباع الرسل، ومن المقاصد الهامة التي بينها علماء الدين في سورة الدخان:
- فضل القرآن العظيم، وبركة ليلة القدر التي أنزل فيها القرآن رحمة من الله بعباده وبشرى لهم.. وتحذيرًا من عقابه.
- إثبات الوحدانية لله ودلائل قدرته في خلقه.. وبيان صفاته الجليلة وأسمائه الحسنى.
- ذكر موقف الكافرين من القرآن، والوعيد من عاقبة الكفر.
- ضرب المثل للمؤمنين والكافرين بقصة موسى مع فرعون.. وأن الكافرين لا يتغيرون عبر اختلاف الأمم وتتابعها.
- إنكار الكافرين والمشركين للآخرة.. والتحذير من يوم القيامة وأهوالها والعذاب بعدها.
- ذكر أحوال أهل النار من المجرمين.. وطعامهم وسوء أحوالهم فيها.
- بيان أحوال أهل الجنة من المتقين والنعيم الذي سيعيشون فيه.
- تثبيت الله -سبحانه وتعالى- لرسوله والوعد له ووعد الله حقًا بالنصر له وللمؤمنين، وسوء عاقبة الكافرين في الدنيا والآخرة.
إن سورة الدخان تتضمن الحديث المباشر عن التوحيد والرسالة والبعث؛ حيث تتابع آياتها بشكل يخطف القلوب.. لتتحدث عن خلق الله في السموات والأرض وقدرته العظيمة في الموت والحياة.
كما ذكر الحق -جل وعلا- الدنيا والآخرة ويوم القيامة والجحيم والآخرة والغيب والشهادة.. إلى جانب أخبار السابقين والحاضرين وعاقبة كل من المؤمنين والكافرين.
كنا قد أشرنا في السطور السابقة إلى فضل سورة الدخان قبل النوم، وذكرنا لكم ما هي صحة الأحاديث التي رويت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- في فضل قراءة سورة الدخان قبل النوم.. كما تناولنا المقاصد الهامة في سورة الدخان، ونتمنى أن نكون قدمنا لكم الإفادة المرجوة.