قصة سيدنا لوط كاملة

“نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين” ( يوسف – 30).

والمتدبر لآيات وسور القرآن الكريم يجد أن الله ذكر لنا من قصص الأنبياء والمرسلين والسلف الصالح ما يغنينا عن كثير من الحيرة والشك والتخبط في هذه الحياة، ومن بين تلك القصص قصة سيدنا آدم وصالح ونوح وإبراهيم ويوسف والسيدة مريم، كما ذكر الله تعالى قصص بعض السلف مثل قصة أهل الكهف.

كما أرسل إلينا رسائل العبرة كقصة فرعون وقوم لوط وغيرهم ، واليوم نقدم لكم من خلال باب القصص في موقع شملول قصة سيدنا لوط وقومه بأسلوب مشوق وبسيط ، من ضمن سلسلة قصص الأنبياء والمرسلين التي سنقدمها لكم في مواضيع قادمة للوقوف على الحكم والعبر المستفادة منها.

“كذبت قوم لوط المرسلينہ إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون ہ إني لكم رسول أمين”.

قصة سيدنا لوط في القرآن الكريم

يُعد نبي الله لوط عليه السلام هو أول من صدق و آمن برسالة أخو والدته نبينا إبراهيم عليه السلام، فلوطاً عليه السلام هو ابن أخت سيدنا إبراهيم.

أرسل الله لوط إلى قوم أرض سدوم في الأردن حيث كانوا يرتكبون المنكر والقبائح الكبيرة، وكانوا يقطعون الطرقات ويتواصون بالإثم  ويخونون العهد ولا يتناهون عن منكر فعلوه ابداً.

ولم يكتفوا بكل هذا فقط بل وصل بهم الأمر لفعل كبيرة من الكبائر لم يفعلها قبلهم أحد من العالمين على وجه الأرض ، لقد كانوا يأتون الرجال من أدبارهم شهوة منهم ويتركون النساء.

يقول الله سبحانه وتعالى (( ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرونہ أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون))

ولأجل هذا كله أرسل الله لهم نبيه لوط ليهديهم ويأمرهم بعبادة الله وحده دون غيره وينهاهم عما يفعلون من الفواحش والمنكرات.

بذل لوط مع قومه مجهوداً كبيراً وأقام عليهم حجته لشهور وسنوات عديدة، ظل لوط عليه السلام يجاهد في قومه جهاداً كبيراً دون أن يتعب أو يمل ، ولكن كل هذا دون فائدة فلم يؤمن به أحد سوى أهله فقط فيما عدا زوجته التي كفرت بدعوة زوجها واستمرت في ضلالها.

فيقول الله سبحانه وتعالى (( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح امرأة لوط ))

رغم هذا أيضاً بقي لوط متمسكاً برسالته وهدفه في هداية قومه إلى دين الله العزيز الحكيم ، وهم في المقابل مستمرين على عنادهم وكفرهم يتمادون في المغالطة والطغيان ولوط عليه السلام صابراً مصمماً حتى وإن كانت حصيلة دعوته صفر .

وكعادة قوم لوط في العناد والنمردة أخذوا يستهزئون برسالة لوط ويستنكرون عذاب الله .

ويقولون له (( إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين ))

وفي النهاية يأس سيدنا لوط عليه السلام من هؤلاء القوم ، ولجأ إلى الله لينصر رسالته ويقضي على الطغاة الكفرة، فأنزل الله عليهم من البأس والعذاب ما لم يتوقعوه من قبل ليكونوا عبرة لمن لا يعتبر من بعدهم من الأمم.

قصة لوط والملائكة

وبعد كل هذا اليأس الذي أصاب قوم لوط ، أرسل الله إلى سيدنا لوط ثلاثة ملائكة في هيئة رجال ذهبوا إلى منزل لوط فسألهم عما جاء بهم إلى هذا المكان وإلى أين وجهتهم؟ فلم يجيبه أحد منهم ، بل طلبوا منه أن ينزلوا في بيته كضيوف.

شعر  لوط بالإحراج من طلبهم ولكنه أضطر أن يقابل طلبهم بالرفض فقال لهم أنه لا يوجد على وجه الأرض أخبث من أهل هذه القرية ، وأنهم قد يكونوا من هؤلاء الخبثاء ويخونون الضيافة وينتهكون حقوق الضيف وحرمة البيت.

كان بداخل لوط صراعاً كبيراً بين صرف هؤلاء الضيوف المجهولين عن بيته دون إحراجهم، وبين عدم تجاهل فضل ضيافة المسافر.

حاول معهم بشتى الطرق لصرفهم عن فكرة المبيت عنده ، ولكن مع إصرارهم اقترح عليهم الإنتظار بالخارج إلى أن تغيب الشمس وتُظلم البلدة حتى لا يراهم أحد من أهل القرية.

وبمجرد أن خيم الليل على المدينة صحب سيدنا لوط الثلاثة ضيوف إلى داخل البيت دون أن يراه أحد من الجيران.

وبمجرد أن رأت زوجته ذلك خرجت وذهبت إلى قومها لتخبرهم بما رأت من زوجها وضيوفه دون أن يشعر بها سيدنا لوط.

انتشر خبر ضيوف لوط في المدينة كلها فاجتمع القوم و هرعوا إلى منزله.

((جاءه قومه يهرعون إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات ))

معجزة سيدنا لوط

ومن هنا تحققت نبوءة نبي الله لوط وبدأت تفاصيل اليوم العصيب في الظهور ، فخرج لوط إلى باب المنزل حيث يجتمع القوم وهو متعلقاً بأمل الهداية

((قال يا قوم هؤلاء بناتى هن أطهر لكم فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد ))

حاول لوط أن يطرق باب التقوى والفطرة في نفوسهم ولعلهم يتقون الله، ويكرموا ضيوفه بكلمات تمس قلوبهم ولكنهم وقفوا يضحكون ويستهزؤن من كلماته فقال لهم لوط :

(( قالوا لقد علمت ما لنا فى بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد ))

غضب لوط عليه السلام بشدة ودخل منزله و أغلق بابه و صوت ضحكاتهم وضرباتهم تنهال على الباب وهو يرتعد من الخجل والحزن والأسف على الغرباء الذين يجلسون بالداخل.

إلا أنه تفاجأ من هدوء الضيوف الغير متوقع في الوقت الذي كادت فيه أخشاب الباب أن تتكسر ، فصرخ لوط من شدة يأسه.

(( قال لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن رشيد ))

وبمجرد أن نطق لوط بهذه الكلمات تحرك ضيوفه من الملائكة وقاموا وقالوا له :

 (( قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك))

قصص الانبياء في القرآن الكريم

لا تخف يا لوط  لن يستطيع أحد الوصول إليك فإنا ملائكة ربك  أرسلنا إليك – يُقال إنهم جبريل وميكائيل وإسرافيل.

وفي لحظات كُسر الباب وهرع القوم كلهم بالدخول إلى البيت ، فقام جبريل عليه السلام وأشار إليهم بطرف جناحه فطمست أعينهم ولم يستطيعوا الوصول إليه.

(( ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر )) 

ثم طلب الملائكة من سيدنا لوط أن يخرج بأهله في سواد الحالك ، ومهما سمعوا من أصوات لا يلتفتوا إليها ولا يرهبوا منها حتى لا يصيبه وأهله ما أصابهم.

قصة زوجة سيدنا لوط

و أخبروه أن امرأته ليست منه فهي مصره على الكفر وستلتفت  خلفها لترى ما سيصيب قومها فيصيبها ما أصابهم من العذاب، واعلموا أن موعد هذا العذاب سيكون مع مطلع النهار.

 (( فأسر بأهلك بقطع من الليل ولايلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب ))

وبمجرد أن طلع النهار وجاء أمر الله اقتلع جبريل المدن السبع بكل من فيهن من بشر وحيوانات بطرف جناحه ، فرفعها حتى وصل بها إلى عنان السماء حتى يقال أن الملائكة سمعت أصوات الديكة ونباح الكلاب ثم قلبها فجعل أعلاها أسفلها .

وكانت السماء تمطر عليهم بحجارة من جهنم وهكذا انتهى الحال بقوم لوط.

(( فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وماهي من الظالمين ببعيد ))