آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر

آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر ، عاني الشعب الجزائري من ظلم الاحتلال الفرنسي لمدة 132 عاماً، ويندرج استعمار فرنسا لدولة الجزائر تحت طائلة الحكم العسكري حيث قامت باقتحام أراضيها عنوة، واستغلت ضعف الشعب وفقره من السلاح والمال وقامت بفرض سيطرتها بكل قسوة وعنف وغيرها من الأساليب التي لا تعرف معنى الرحمة.

ولقد حاولت أن تلغي الهوية العربية والإسلامية من داخلهم عن طريقة فرنسة كل ما يوجد بالدولة من مدارس وإدارات حكومية، ولكن مع كل تلك الجرائم لم تستطيع منع مواطني الجزائر من المقاومة لمحاربة الاستعمار الفرنسي.

السبب المباشر في الاحتلال الفرنسي للجزائر

آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر

  • وهو السبب الذي أعلنت عنه فرنسا لمجرد رد اعتبار لها عما حدث لها من الإهانة التي تعرضت له من الداي حسين حين قام بضربه في الاحتفال الذي أعده لقناصل الدول الأجنبية في عيد الأضحى،  وعرفت هذه الحادثة باسم حادثة المروحة وهي ذاتها التي كان يحملها الداي حسين في يده.
  • ولقد استخدمها ليشير بها لقنصل فرنسا الذي يدعي دوفال بالخروج من المكان بعدما رد على سؤاله بفظاظة والذي كان بشأن عدم إجابة الملك شارل على الرسائل التي أرسلها له، وجاء رد دوفال كالصاعقة بأن دولته تسدد الديون المطلوبة منها لدولة الجزائر وهذا ما جعل الداي حسين يقوم بطرد القنصل.
  • ولكن القنصل أتخذ هذا الأمر ذريعة وقام بإعداد تقرير حول هذه الحادثة وأدعي أن الداي حسين قام بطرده وإهانته، وهذا ما جعل حكومة فرنسا تنتهز الفرصة حيث قامت بإرسال واحدة من قطع أسطوله البحري واستقرت أمام السواحل الجزائرية.
  • حيث قام القائد الفرنسي بإرسال أحد الضباط الفرنسيين كي يأتي إلى السفينة ويعتذر للقنصل الفرنسي أمام جميع من دعاهم للاحتفال من القناصل أو أن يرسل وزير البحرية الجزائري لتقديم اعتذار وغيرها من الاقتراحات ولكن الداي رفضها.
  • ولهذا نفذت فرنسا تهديدها وحاصرت الجزائر وهذا ما جعل الداي يقوم بوضع يده على كل المباني التابعة لحكومة فرنسا والتي توجد في مدينته، ولكن الفرنسيين أخذوا في إعداد المخططات كي تتمكن من احتلال الجزائر وهذا ما حدث في عام 1830 حيث اضطر الداي حسين مجبراً بتوقيع على وثيقة تسليم بلاده لتقع أسيرة في يد الاستعمار الفرنسي.

دوافع الاحتلال الفرنسي للجزائر

بالطبع لا يوجد دولة تقوم باحتلال دولة أخرى إلا لوجود عدد كبير من الدوافع لذلك، ولكن ما هي دوافع فرنسا التي جعلتها تقوم بالتفكير حول احتلال الجزائر، هذا ما سوف نعرض في السطور القادمة.

الدوافع السياسية:

  • أرادت الحكومة الفرنسية أن تقوم بهذه الخطوة كنوع من الإلهاء للمعارضة التي كانت تتربص لهم وللملك شارل.
  • هذا ما جعلها تعلن في عام 1830 عن رغبتها في استعمار الجزائر عن طريق إرسال حملة عسكرية تجبر حاكمها على تسليمها لتكون جزء من ممتلكات فرنسا في الشرق.
  • وعلى الصعيد الآخر رغبتها في توطيد علاقتها مع الروس لتحد من نفوذ بريطانيا الذي تفرضه على البحر المتوسط كي تستطيع هي فرض سيطرتها على السواحل الجزائرية.

الدوافع الاقتصادية:

  • رغبة الاستعمار الفرنسي في الاستيلاء على مبلغ 150 مليون فرانك التي تحتوي عليهم خزينة دولة الجزائر لتعويض خسائرها التي شاهدتها في الحروب مع إنجلترا وغيرها من الدول الأوروبية.
  • بالإضافة إلى رغبتها في تسخير كل من يملكون الأموال للتنقيب عن الذهب الموجود بالمناجم وأيضاً عن المعادن التي توجد في باطن الأرض.
  • والاستيلاء على العديد من الأراضي الجزائرية من أجل استخدامها في الزراعة وخاصة في محاصيل العنب وذلك لرغبة البعض من التجار الفرنسيين في زيادة ثرواتهم عن طريق الأسواق التي ستفتح لهم هناك لبيع كل المنتجات الفرنسية.

الدوافع العسكرية:

  • تمتد فكرة استعمار الجزائر لعام 1801م بعد هزيمة نابليون بونابرت أمام بريطانيا في أكبر معركة جعله يلجأ لفكرة غزو إفريقيا وتحديداً الجزء الشمالي منها كي يحد من السيطرة التي سيطرتها بريطانيا على أجزاء كبيرة من الشرق.
  • وكان اختياره قد وقع على الجزائر وهذا ما جعله يرسل أحد الضباط إلى هناك لدراسة الوضع.
  • وبالفعل عاد إليه في عام 1809م وأعد له خطة كاملة تمكن فرنسا من استعمار الأراضي الجزائرية ولكن نابليون قام بتأجيل الفكرة.
  • حتى جاء الملك شارل عام 1830 وقام بغزوها بالقوة والعنف كي يبعد نفسه عن ألسنة المعارضة والشعب الذي يلتف حولها.

الدوافع الدينية:

  • أتخذ الاستعمار الفرنسي ذريعة حماية الدين المسيحي والبابا لشن الهجوم على الجزائر وتدمير الأسطول البحري لها واستنفاذ قوته.
  • خاصة أنه كان يحمي مصالح الدولة العثمانية على سواحل البحر المتوسط وفي منطقة الشرق عموماً.
  • هذا إلى جانب دافعها عن الإسلام وهذا هو ما كانت تتفق عليه مع الدولة العثمانية أيضاً ولقد أعلنت أن الحامي الأول لعرش البابوية في القارة الأوروبية وأن تخشى من توجيه الضربات له من قبل الأسطول الجزائري لهذا قامت بإرسال قواتها للقضاء عليه والاستيلاء على البلاد.

الدوافع الاستراتيجية:

  • مهد احتلال الجزائر الطريق للاستعمار الفرنسي في قارة إفريقيا وبالتحديد في الجزء الغربي منها ولقد تمكنت بعده بفترة طويلة من استعمارها من بسط نفوذها على منطقة الصحراء الكبرى وما هو خارج حدودها.
  • لرغبتها في إقامة مستعمرات لها لتملأ خزائنها من خيرات وثروات هذه البلاد وكانت على رأسها الجزائر الشي شاهدت الكثير من أساليب التعذيب والقمع والشدة والجرائم التي راح ضحيتها الكثير من الشهداء.

الاستعمار الفرنسي على الحالة السياسية

  • وقعت الجزائر وشعبها في براثن الاستعمار الفرنسي الظالم في عام 1830م ومنذ هذه اللحظات فقدت حق التصرف في البلاد إلا بأوامر مباشرة من قبل الحكومة الفرنسية التي عملت جاهدة منذ دخولها البلاد مرة أن تفرض سيطرتها على كافة الأنحاء.
  • حيث قامت بتعيين ما يسمى بالحاكم العام في الجزائر وهو يمثل سلطة الحكومة الفرنسية على تلك الأراضي ويوجد مجلس مكون من مجموعة مستشارين يقومون بمعاونته في إدارة شئون البلاد.
  • قام الاستعمار الفرنسي بتقسيم الجزائر إلى ثلاثة ولايات هي الجزائر وقسنطينة ووهران وقامت بتعيين حاكم  لكل ولاية ويعاونه مجلس لإدارة شئون الولاية.
  • قامت بإنشاء مجلسان للبلدية إحداهما له السلطات الكاملة وهو ينفذ كل الصلاحيات التي تتمتع بها المدن الفرنسية لأنه كان يسيطر على المنطقة التي كانت تقطن العديد من الجنسية الأوروبية الأخرى، والآخر له صلاحيات مختلطة فنصف مقاعده يشغلها ممثلين عن الشعب الجزائري والباقي للفرنسيين وللجاليات الأجنبية الأخرى.
  • ولقد قامت بوضع سيطرتها على القطاعات الجنوبية من الصحراء حتى تستطيع من فرض السيطرة عليها من أجل منع الشعب الجزائري من أن يشارك في إدارة شئون بلاده كما يرغب.

آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر على الحالة الاقتصادية

  • صادر كل الأراضي التي كانت تتبع القبائل والأوقاف الإسلامية بالإضافة إلى الأراضي التي كانت تقع تحت أيدي حكومة الجزائر وحدث ذلك بعد أن قامت بتشريع قوانين التي تخدم مصالحها لتنفيذ تلك الإجراءات.
  • تخطت مقدار مساحة الأراضي التي أخذها الاستعمار عنوة من أصحابها بأكثر من إثنان مليون هكتار ولقد قام الفرنسيون بتحويل زراعتها من الحبوب والغلال الذي يكفي احتياجات الطعام إلى المحاصيل التي يتم استخدامها لأغراض تجارية وتأتي على رأسها زراعة العنب ليتم تصديره إلى فرنسا.
  • حرمان الشعب الجزائري من الاستفادة بعائدات المعادن الثمينة والثقيلة التي وجدها الاستعمار الفرنسي في باطن الأرض التي يمتلكها هذا الشعب ضاع حق في ماله ووطنه.

آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر (الاجتماعية)

  • فتحت فرنسا الدعوات إلى مواطني القارة الأوروبية وعلى رأسهم الشعب الفرنسي بالسفر إلى الجزائر من أجل بناء مستوطنات لهم وسوف يحصلون على أراضي بإجراءات سهلة وبسيطة وفوق هذا سوف توفر لها القوات الفرنسية جميع سبل الحماية والأمان.
  • وهذا تسبب في الاستيلاء على الأراضي بالقوة من الشعب الجزائري الذي تسبب الاستعمار الفرنسي في هروبه إلى الجبال وتشريده وحرمانه من التمتع بكل حقه بأبسط وسائل الحياة.
  • ولقد تسببت هذه الجرائم في تفشي الفقر والأمراض وموت الكثير منهم بسبب قلة الطعام وهذا بدوره أدى إلى انخفاض ملحوظ وكبير في تعداد السكان الأصليين لدولة الجزائر.
  • ولم تتوقف الجرائم عند هذا الحد ولكن أصدروا قانوناً آخر أكثر بشاعة عما سبقه من القوانين وهو ينص على أخذ كل ما يمتلكون من أموال أو منازل وغيرها مع إدخالهم إلى السجون بدون توجيه أي تهم أو الذهاب إلى المحاكم وهذا نوع من العقاب الجماعي الذي جعل الشعب الجزائري عبيدًا لقوات الاحتلال الفرنسي.

آثار الاستعمار في الجزائر (الثقافية)

  • تعمد الاستعمار الفرنسي إلى نشر الأمية بين الجزائريين ولقد ضيقت الخناق على المدارس الحكومية والتي يلتحق جزء منها بالمساجد حيث صدر قرار بإدخالها ضمن الأملاك العامة التي يسيطر عليها وهذا أثر على العملية التعليمية والتربوية والعلمية في الجزائر.
  • صدر قرار بمنع التعليم باللغة العربية داخل المدارس وعدم توفير أي مدارس عامة يدرس بها الجزائريين أو بعض المدارس التي تكفي لبعضًا منهم، وهذا بدوره حرم آلاف من حق التعليم الذي حاز به عدد قليل جداً من السكان.
  • حاولت فرنسا بشتى الطرق أن تقضى على مفهوم الثقافة والحضارة الإسلامية وتعاليم الدين الإسلامي للشعب الجزائري وذلك عن طريق إقصائه نهائياً وبشكل تام عن الدول الإسلامية.
  • قامت بإرسال جماعات التبشير إلى الجزائر من أجل العمل على نشر الدين المسيحي.

وختامًا وبعد أن بينا آثار الاستعمار الفرنسي في الجزائر على كلًا من الحالة (الثقافية، والسياسية، والاقتصادية، والاجتماعية)، نجد أن لا خير أبدًا يأتي من وراء أي دولة تضع يدها بالقوة على دولة أخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *