سر الحروف المقطعة والسبع المثاني في القرآن الكريم

تكلم السلف الصالح عن سر الحروف المقطعة والسبع المثاني في القرآن العظيم، فالقرآن الكريم هو كلام الله الذي أنزله على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم-، وهو المعجزة الباقية حتى قيام الساعة، تحدى الله -سبحانه وتعالى- به شعراء العرب الذين برعوا في قصائدهم وأشعارهم وبلاغتهم، فعجزوا عن الإتيان بمثل القرآن الكريم ولا آية واحدة منه حتى يومنا هذا.. ومن خلال الجولة التي يصحبكم بها موقع شملول سيمكنكم الاطلاع على أهم ما جاء عن الحروف المقطعة والسبع المثاني.

الحروف المقطعة والسبع المثاني

سر الحروف المقطعة والسبع المثاني في القرآن

فيه من الآيات والذكر الحكيم والدلائل على أنه كلام الحق -جلّ وعلا-، وما زال الناس حتى عصرنا.. هذا يكتشفون حقائق ونظريات وأمور هامة ذكرها الله -سبحانه وتعالى- في القرآن الكريم من أربعة عشر قرنًا.

آمن المسلمون الأوائل بها على الرغم من أنهم لم يستوعبها عقولهم في وقت نزولها.. ثم جاء العلم الحديث بنظرياته وحقائقه؛ ليكون سببًا في توضيح ما لم يستوعبه عقول البشر في وقت نزول آيات القرآن الكريم.

إن الأصل في إعجاز القرآن الكريم يكمن في بلاغته وفصاحته وبيانه.. فكما جاءت معجزة موسى -عليه السلام- فيما برع فيه قوم فرعون من السحر، وجاءت معجزة عيسى -عليه السلام- فيما عجز عنه أطباء قومه، كان وما زال إعجاز القرآن في بلاغته وإحكام لفظه وبيانه.

سر الحروف المقطعة في أوائل السور

بدأت تسع وعشرين سورة في القرآن الكريم بحروف مقطعة من الحروف الهجائية في اللغة العربية.. وكثرت أراء علماء الدين والمفسرين حول تفسيرها ومعرفة السر من ورودها.

الذي لا شك فيه أن الله -سبحانه وتعالى- له الحكمة البالغة في أن تبدأ تلك السور العظيمة بهذه الحروف، وتكون دافعًا إلى التأمل والاجتهاد وإعمال الفكر للوصول إلى معناها والمقصد منها.. وفيها من الإعجاز الذي يوحي للبشر أنهم مهما بلغوا ووصلوا من العلم والتقدم، فهناك من الأسرار والغيبيات التي تعجز عقولهم عن تفسيرها إلى أن يشاء الله بالعلم بها.

معلومات عن الحروف المقطعة في أوائل السور

قام الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعين والسلف الصالح من العلماء والحافظين لكتاب الله -رحمهم الله أجمعين-، ومن تبعهم من علماء الدين وطلاب العلم الشرعي بجهود رائعة في إحصاء الحروف المقطعة في القرآن الكريم.

لم تقتصر جهودهم عليها.. بل أن لهم جهود كبيرة في كل ما له علاقة بالقرآن وحروفه وآياته، ونذكر فيما يلي بعضًا من هذه الجهود الرائعة بتلخيص بسيط:

  • جاء ذكر الحروف المقطعة في بداية تسع وعشرين سورة من القرآن الكريم على النحو التالي:
  1. ثلاث سور بدأت بحرف واحد، وهي: سورة ص، وسورة ق، وسورة ن.
  2. عشرة سور بدأت بحرفين، وهي: سورة غافر، سورة فصلت، سورة الشورى، سورة الزخرف، سورة الدخان، سورة الجاثية، سورة الأحقاف، سورة طه، سورة النمل، وسورة يس.
  3. اثنتا عشرة سورة تبدأ بثلاثة أحرف، وهي: سورة البقرة، سورة آل عمران، سورة العنكبوت، سورة الروم، سورة لقمان، سورة السجدة، سورة يونس، سورة يوسف، سورة إبراهيم، سورة الحجر، سورة الشعراء، وسورة القصص.
  4. سورتان تبدءان بأربعة حروف، وهما: سورة الأعراف، وسورة الرعد.
  5. سورتان تبدءان بـ خمسة حروف، وهي: سورة مريم، وسورة الدخان.
  • عدد الحروف المقطعة التي ذكرت في القرآن الكريم بدون تكرار أربعة عشرة حرفًا.
  • جمع بعض العلماء الحروف المقطعة بدون تكرار في جملة هي: (نص حكيم قاطع له سر).
  • يرى كثير من العلماء أن عدد تلك الحروف ليس عشوائيًا.. وهناك دراسات عدة فيها نتائج لا يمكن تجاهلها عن عدد تلك الحروف وارتباطها بكلمات كل سورة وردت فيها، وأنها وردت بإحصاء معين ونسق بديع معجز، والله أعلم.

أقوال العلماء عن الحروف المقطعة في أوائل السور

لقد أشار كثير من أهل العلم إلى معاني وتفسير وأسرار الحروف المقطعة التي ذكرها الله -سبحانه وتعالى- في أوائل السور في القرآن الكريم.. وتعددت الأقوال والأدلة التي كانوا قد استدلوا بها، ونلخص فيما يلي أهم ما جاء عنها:

الرأي الأول

لم يرد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أي حديث صحيح فيه تخصيص لها أو بيان لمعانيها.. والحديث الذي فيه الكلام عن أحد مواضعها كان عن فضل قراء القرآن بصفة عامة.

عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “من قرأ حرفًا من كتابِ اللهِ فله به حسنةٌ والحسنةُ بعشرِ أمثالِها لا أقولُ ألم حرفٌ ولكن ألفٌ حرفٌ ولامٌ حرفٌ وميمٌ حرفٌ”.

إن الصحابة -رضي الله عنهم- لم يرد عنهم أنهم سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عنها، على الرغم من أنهم كانوا يسألون عن كل ما يريدون معرفته وحكمه؛ لعلهم اعتبروها من سر القرآن الكريم والمتشابه منه الذي انفرد الله بعلمه.. وأنها مما لا يجب الكلام عنه.

كان هذا رأي كثير من الصحابة والتابعين، ومنهم: أبى بكر الصديق، عمر، عثمان، علي بن أبي طالب.. وابن مسعود -رضي الله عنهم-، واستدل العلماء بالحديث الشريف الذي جاء فيه عن عائشة -رضي الله عنها-: تَلَا رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- هذِه الآيَةَ:

“هو الذي أنْزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ، منه آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ، وأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فأمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلَّا اللَّهُ والرَّاسِخُونَ في العِلْمِ يقولونَ آمَنَّا به كُلٌّ مِن عِندِ رَبِّنَا وما يَذَّكَّرُ إلَّا أُولو الألْبَابِ”.

قَالَتْ: قَالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ-: “فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ما تَشَابَهَ منه فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ”.. ومن ثم فهم يرون أن هذه الحروف من المتشابه الذي لا يعرف تأويله إلا الله، وهذا ما أجمع عليه علماء أهل السنة والجماعة.

الرأي الثاني

يرى بعض العلماء أنه لا حرج من التأمل في معناها، والتكلم عنها، واستدلوا بقوله تعالى: “أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا”، وقوله -تعالى-: “وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ”.. والآيتان الكريمتان تدلان على الحث على تدبر القرآن الكريم ومعرفة معانيه.

كذلك ردوا على أصحاب الرأي الأول.. بأن المقصود بالآية الذين يتتبعون بعض آيات القرآن للطعن في أنها نزلت من عند الحق -جل وعلا-، إنما المؤمنون لا حرج عليهم في تدبر جميع آيات القرآن والاجتهاد في تفسيرها.. ما داموا لا يخرجون عن الأصول التي وضعها علماء الدين.

الرأي الثالث

يرى بعض الصحابة -رضي الله عنهم- أن هذه الحروف هي مفاتيح لكلمات تحمل معاني عن الله -سبحانه وتعالى- أو أسماء الله، وفسرها بعضهم أن “ألم” تعني أنا الله أعلم، “ألر” أنا الله أرى، “ق” تعني قادر، “ن” تعني نور.. وغيره من الكلمات.

روي عن ابن عباس وعن علي -رضي الله عنهما-: “أن الحروف المقطعة في القرآن هي اسم الله الأعظم، إلا إننا لا نعرف تأليفه منها”.. ويرى بذلك كثير من التابعين أيضًا.

كما يرى ذلك كثير من أهل العلم في التفسير.. ولكن كما ذكرنا من قبل هذا من باب الاجتهاد والتأمل، ومنهم من رأى أنها أسماء للسور أو تدل على معاني مختلفة.

الرأي الرابع

يرى علماء البلاغة أن الابتداء بالحروف المقطعة في أوائل السور.. من حسن الابتداء وبراعة الاستهلال؛ لأن العرب كان من مظاهر البلاغة لديهم ومن التأنق في الكلام.. أن يبدأ المتكلم كلامه بما يلفت الانتباه ويشد الأسماع والأبصار إليه.

من ذلك قول بعضهم أن الحروف المقطعة.. حروف يستفتح الله بها كلامه، ويكون كلام الحق -سبحانه وتعالى- بذلك على غير كلام البشر، وأن هذا الكلام الذي نزل من حروف كلام العرب.

كما كان شرط علماء البلاغة في حسن الابتداء أن يكون الكلام مما حسن لفظه.. ورقة وسلست حروفه، وحسن نظمه، ووضح معناه، ويسر فهمه وخلا من التعقيد واللبس، وناسب مقامه.

المتأمل في الحروف المقطعة.. يجدها تحقق جميع تلك الشروط، وعلماء البلاغة يجمعون على أن الحروف المقطعة من حسن الابتداء في الكلام، والله أعلم.

القراء الذين اطلعوا على هذا الموضوع قد شاهدوا أيضًا:

السبع المثاني في القرآن الكريم

السبع المثاني في القرآن

قال -تعالى- في سورة الحجر، بسم الله الرحمن الرحيم: “وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)” صدق الله العظيم.. كما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحاديث تبين أن السبع المثاني هي سورة الفاتحة.

جاء في صحيح البخاري أن أبا سعيد رافع بن المعلى.. قال: “قالَ: ألا أُعَلِّمُكَ أعْظَمَ سُورَةٍ في القُرْآنِ قَبْلَ أنْ تَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ، فأخَذَ بيَدِي، فَلَمَّا أرَدْنا أنْ نَخْرُجَ، قُلتُ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنَّكَ قُلْتَ: لَأُعَلِّمَنَّكَ أعْظَمَ سُورَةٍ مِنَ القُرْآنِ قالَ: الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمِينَ، هي السَّبْعُ المَثانِي، والقُرْآنُ العَظِيمُ الذي أُوتِيتُهُ”.

عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “هِيَ أُمُّ القُرآنِ، وهِي فاتِحةُ الكِتابِ، وهِي السَّبْعُ المَثانِي”، وعن أبي هريرة.. قال: مرّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي أبيّ بن كعب فقال: ” أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورةً لَمْ يَنـزلْ فِي التَّوْراةِ ولا في الإنْجِيلِ ولا في الزَّبُورِ ولا في الفُرْقان مِثْلُها؟ قلت: نعم يا رسول الله ،قال: فَكَيْف تَقْرأُ فِي الصَّلاةِ؟ فقرأت عليه أمّ الكتاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنـزلَتْ سُورةٌ فِي التَّوْراةِ وَلا فِي الإنْجِيلِ وَلا فِي الزَّبُورِ وَلا فِي الفُرْقان مِثْلُها ، وإنَّها السَّبْعُ المَثاني والقُرآنُ العَظِيمُ “.

قال المفسرون أن الله -تعالى ذكر- “الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ” معطوفًا على “سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي”.. بمعنى أن الله -سبحانه وتعالى- يقول لنبيه -صلى الله عليه وسلم- آتيناك سبع آيات من القرآن الكريم، وغير ذلك من سائر القرآن.

فتخصيص سورة الفاتحة دلالة على فضلها، فيها افتتح الله كتابه القرآن الكريم.. وبها يستفتح المسلمون صلواتهم، وتقرأ في جميع الركعات في صلواتهم، وهي أم الكتاب وأم القرآن.

رأي علماء اللغة حول السبع مثاني

قال علماء اللغة عن معنى المثاني أي الآيات تتلى وتتكرر.. واستدلوا بقول الله -تعالى- في  سورة الزمر آية (23بسم الله الرحمن الرحيم: “اللهُ نَزَّلَ أَحسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتشابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الّذِين يَخْشَوْنَ رَبّهُم” صدق الله العظيم.

كما قالوا أيضًا أن معنى المثاني القرآن الكريم.. فقد تكرر فيه قصص وأخبار السابقين والمواعظ.. مما فيه الخير لجميع الناس إذا استمعوا له واتبعوه، هذا والله أعلم.

 كنا قد أشرنا فيما سبق إلى سر الحروف المقطعة والسبع المثاني في القرآن وذلك على حسب ما جاء في أراء وأقوال أهل العلم.. وذكرنا بعض المعلومات عن الحروف المقطعة في أوائل السور، وأقوال العلماء وتفسيراتهم الخاصة بهذا الشأن.. ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة والنفع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *