أحاديث نبوية صحيحة عن العمل التطوعي هو دين حياة حيث أنزل الله عز وجل على نبيه الكريم سيدنا محمد صل الله عليه وسلم القرآن الكريم والذي لم يكتفي باحتواء التعاليم القرآنية التي تتعلق فقط بمبادئ الشريعة والعبادة بل كذلك احتوى على أسس التعاملات الفردية والمجتمعية بحيث يكون القرآن الكريم ليس فقط كتاب الشريعة بل كذلك كتاب مرشد لإنشاء وتأسيس مجتمع حضاري شامل .
مفهوم العمل التطوعي
إذا تدبرنا قول الله تعالى في كتابه العزيز (لاَ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيمًا) نجد أن العمل التطوعي هو العمل الذي يقوم به الفرد من أجل مساعدة الغير دون مقابل أو الحصول على منفعة متبادلة نتيجة القيام به .
وعن معنى العمل التطوعي لفظا وفي اللغة العربية يتبين لنا أن التطوع هو تكلف الطاعة أي يقوم العبد من نفسه بالقيام بأداء عمل ابتغاء وجه الله عز وجل فقط {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [سورة البقرة: آية 184] ولا يشترط ان يكون القائم بالعمل التطوعي شخصا واحد بل قد يشتمل على مجموعة من الأفراد وهذا ما يوضحه بشكل أكبر في مقالنا .
دلالات العمل التطوعي في القرآن
كما ذكرنا في مقدمة موضوعنا أن القرآن جاء شاملا لكافة التعاملات الإنسانية مبينا إياها بشكل صريح وإذا تدبرنا آيات الذكر الحكيم جيدا نستدل على العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد على واجب العمل التطوعي في الإسلام والجزاء من وراء القيام به ومن تلك الآيات الكريمة ؛
- قال تعالى ” َولكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ”.
- ـ قال تعالى “فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُون “.
- ـ قال تعالى ” وتَعَاونُوا عَلى البِّرِ والتَقوَى ” .
- ـ قال تعالى ” فَمَن تَطَوّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لّهُ “.
- ـ قال تعالى ” وآتى المَالَ عَلى حُبِه ذَوي القُربى واليتَامَى والمَسَاكِّين وابن السَبِّيل”.
- ـ قال تعالى ” وفي أموالهِّم حَقٌ مَعلُوم للسَائِّل والمَحرُوٌم “.
- ـ قال تعالى ” فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ “
دلالات العمل التطوعي في السنة
كما أن القرآن الكريم هو المنهج السليم لقوام المجتمع وصلاح أحواله كذلك هي السنة وصدق رسول الله صل الله عليه وسلم عندما قال “ تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ابدا كتاب الله وسنتي “ وذلك لكون سيدنا محمد (ص) هو قرآن يمشي على الأرض بمعنى أن كافة التعاليم التي ذكرت في القرآن الكريم طبقها رسول الله (ص) ليبينه للناس بشكل سهل وبسيط حيث بينت انك قد تقوم بعمل تطوعي يوميا وتكتسب من خلاله أجر كبير دون عناء منها رسم البسمة والوجه البشوش امام الاخرين .
وهناك العديد من صور العمل التطوعي والتي نستدل عليها من الأحاديث النبوية التي تؤكد على أهميتها وتوضيحها سواء صغيرة أو كبيرة هي ؛
- قال النبي صلى الله عليه وسلم (ابن آدم ستون وثلاثمائة مفصل، على كلِ واحد منهما في كلِ يوم صدقةٌ، فالكلمة الطيِبة يتكلم بها الرجل صدقة، وعَون الرجل أخاه على الشيء صدقة، والشربة من الماء يسقيها صدقة، وإماطة الأذى عن الطريق صدقة).
- ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم (تبسمك في وجه أخيك صدقة، وأمرك بالمعروف صدقة، ونهيُك عن المُنكر صدقةٌ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقةٌ، ونصرُك الرجل الرديء البصر لك صدقةٌ، وإماطتُك الحجر والشوك والأذى عن الطريق لك صدقة، وافراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة)
- ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم ( لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين ).
- ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار).
- ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ،من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ، ومن فرج عن مسلم كربه من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما سترة الله يوم القيامة ) .
- ـ قال صلى الله عليه وسلم ( من مشى في حاجة أخيه كان خيراً له من اعتكاف عشر سنوات ).
- ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ).
- ـ قال النبي صلى الله عليه وسلم (أحب الناس إلى اللهِ عز وجل أنفعهم للناسِ وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم أو تكشف عنه كربة أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحبُّ إليَّ من أن أعتكف في هذا المسجد شهراً)
قصص التطوع في القرآن
جسد لنا القرآن الكريم العديد من المواقف التي تعكس قيام أصحابها بالعمل التطوعي ابتغاء لمرضاة المولي سبحانه وتعالي فقط والتي تؤكد على أهميته والتي يأتي على رأسها ذو القرنين والذي سلط الضوء عليه وتم سرد مواقفه تفصيلا في القرآن من أبرزها قصة ذو القرنين موقفه أمام قوم يأجوج ومأجوج وقصة سيدنا موسى عليه السلام مع قوم مدين
ذو القرنين والعمل التطوعي
- ذو القرنين لم يكن نبيا أو رسولا بل كان أحد حكام الأرض الذي أعطاه الله عز وجل سلطانا وملكا عظيما فكان يمشي بين الناس ليتفقد أحوالهم ويعينهم على قضاء حوائجهم ولم يكتفي باهله وعشيرته فقط بل كان يبذل الغالي والنفيس ويجوب أنحاء الأرض بحثا عن خلق الله وقضاء حوائجهم .
- ومن أشهر مواقفه التي سجلها القرآن الكريم هو السد الذي بناه يفصل بين سكان احدى البلاد وقوم يأجوج ومأجوج فكان السد الذي بناه ذو القرنين هو أعظم نعمة أسديت للبشرية جميعا وسببا في العيش على الأرض لهذا الوقت وقد سرد القرآن الكريم تلك القصة في آيات الذكر الحكيم في سورة الكهف
يقول الله تعالى: “حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمَا قَوْمًا لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا * قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا * قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا *آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا *فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا * قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا”
سيدنا موسى وقوم مدين
كذلك سجل القرآن الكريم كيف أن نبي الله وكليمه سيدنا موسى عليه السلام قام بعمل تطوعي في قوم مدين عندما رحل عن أهله وعشيرته واتجه لمدين وعلى الرغم من عناء سفره وما تعرض له فيه إلا أنه عندما رأي فتاتين يحاولون سقاية اغنامهما ولا يستطيعون الوصول للماء قام وسقى لهما في مشهد يصور المروءة في احلى صورها وسجل الموقف في كتاب الله سورة القصص
يقول تعالى: “وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ”.
شباب الصحابة والتطوع
ولم يقتصر فعل العمل التطوعي فقط على أولياء الله أو الرسل والأنبياء بل ورد لنا في سيرة رسول الله صل الله عليه وسلم وسيرة الصحابة رضوان الله عليهم أمثلة للشباب الذين قاموا بعمل تطوعي منهم ؛
- الأرقم بن أبي الأرقم الذي قدم بيته ليكون أول محضن للدعوة.
- علي بن أبي طالب حينما قدم نفسه لرد أمانات قريش يوم الهجرة.
- جعفر بن أبي طالب لقبه النبي– صلى الله عليه وسلم – بأبي المساكين.
- رفيدة صاحبة أول مستشفى ميداني في الإسلام.
- أم كلثوم بنت علي وزوجة عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين في مساعدة امرأة في المخاض.
فضل العمل التطوعي
يأتي هنا الرد على التساؤل حول فضل وجزاء من يقومون بالعمل التطوعي ابتغاء وجه الله عز وجل حيث أن الجزاء عظيم كبير كما هو مبين في كافة الايات القرانية والاحاديث النبوية
- تحقيق الفلاح والنجاح في أمور الحياة الدنيا والتوفيق فيما تريد بإذن الله .
- الحصول على المساعدة في كافة امورك وتيسيرها من عند الله وإنارة بصيرتك .
- تحصل على أجر كأنما خرجت مجاهدا في سبيل الله .
- وأخيرا تنال درجات عليا في الجنة .
أشكال العمل التطوعي
من الجدير بالذكر أن العمل التطوعي قد يتمثل في الفرد والجماعة المقصود بالفرد هو قيام شخص واحد به أما الجماعة فهو اتفاق عدد او مجموعة من الأفراد والتعاون فيما بينهم لتحقيق الغرض منه والتي تتمثل في الجمعيات الخيرية .
بذلك نكون قد وصلنا إلى ختام موضوعنا اليوم أحاديث عن العمل التطوعي ويسعدنا تواصلكم ومشاركتكم لنا أسفل المقال مع التعليقات .