أين يقع غار حراء ومعلومات حول بدء نزول الوحي به ؟ وما هو وصف غار حراء؟ وما هو الدليل من خلال السنة النبوية الشريفة على أن الرسول -صلى الله عليه وسلم-.. ومن خلال الجولة التي يصحبكم بها موقع شملول سيمكنكم التعرف على إجابة تلك الأسئلة وما إن كان الرسول كان يذهب إلى هذا الغار أم لا وحكم زيارته.. وذلك في السطور المقبلة.
إن غار حراء هو المكان الذي كان يذهب إليه الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل البعثة.. كما كان يذهب إليه ليختلي بنفسه إذا فرغ من التجارة، فكان يتأمل ويتفكر في خلق هذا الكون وبديع صنعه.. والغار في اللغة يعني الكهف او المغارة، وهو المكان الذي يكون كالبيت في داخل الجبل.
كما كان يتردد الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا الغار كلما فرغ.. وظل كذلك حتى نزل عليه الوحي.. وهو في غار حراء، وقد قيل أن عبد المطلب جد الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان يفعل ذلك، وكان كلما فرغ من أشغاله ذهب إلى هذا الغار.
أما عن موقع غار حراء.. فإنه يوجد في تجويف داخل أعلى جبل حراء على ارتفاع 635 مترًا تقريبًا.. ويطلق أهل مكة على جبل حراء الآن جبل النور، إلى جانب ذلك فيقع جبل حراء في مكة على يسار الذي يذهب إلى منى، ويقع على بُعد أربعة كيلو مترات من مكة في الشمال الشرقي إلى المسجد الحرام.
وصف غار حراء كأنك تراه
من خلال النقاط المقبلة.. سوف نشير إلى وصف دقيق إلى غار حراء، شاملين بذلك مظهره قد المستطاع.
- قمة جبل حراء (جبل النور حاليًا) تشبه سنام الجمل.. ولا يوجد في المنطقة جبل يشبهه.
- مدخل الغار يكون من جهة الشمال في أعلى الجبل.
- طول الغار أربعة أذرع.. وعرضه حوالي ذراعين فقط.
- يتسع مدخل غار حراء لدخول فرد واحد.
- يمكن أن يتسع داخل الغار لجلوس خمسة أفراد.
- يستطيع فردين أن يصليان في داخل الغار.
- يتسع الغار من الداخل.. ليشمل ثلاثة أفراد للنوم فيه.
- تغطي الصخور أعلى الغار من الداخل.
- الذي يقف على مدخل الغار.. يستطيع أن يرى أبنية مكة المكرمة.
- يمكن رؤية جبل ثور من على مدخل غار حراء.
بدء نزول الوحي في غار حراء
عن السيدة عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قالت: “أَوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّادِقَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيَا إلَّا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، فَكانَ يَأْتي حِرَاءً فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ، وهو التَّعَبُّدُ، اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَتُزَوِّدُهُ لِمِثْلِهَا، حتَّى فَجِئَهُ الحَقُّ وهو في غَارِ حِرَاءٍ، فَجَاءَهُ المَلَكُ فِيهِ” رواه البخاري.
ذكرت لنا السيدة عائشة في الحديث السابق عن بدء نزول الوحي في غار حراء.. وتحكي عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قبل نزول الوحي عليه كانت أولى العلامات على نبوته، أنه كان يرى الرؤية في نومه، فتتحقق كما رآها.
كما أنه -صلى الله عليه وسلم- كان من عادته قبل البعثة أن يذهب إلى غار حراء، فيتحنث فيه الليالي أي يتعبد ويتأمل في غار حراء.. وكان يجلس فيه لوقت طويل، وكان يتزود قبل ذهابه إلى الغار فإن انتهى زاده عاد على السيدة خديجة –رضي الله عنها- وتزوج مرة أخرى.. ومن ثم يعود إلى غار حراء مجددًا.
استمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا الحال من الخلوة والتعبد في الغار.. كلما فرغ من أعماله حتى نزل عليه جبريل -عليه السلام- بالوحي، وكان يتعبد في غار حراء.
حكم زيارة غار حراء
بين علماء الدين ما يخص غار حراء في زيارة المكان الذي يقع فيه غار حراء.. أو تعظيم غار حراء أو غيره من الخصوصية في الذكر أو الدعاء.. وفي النقاط التالية سوف نذكر لكم أهم ما جاء عنه:
- إن زيارة غار حراء والصعود إليه بقصد التقرب إلى الله أو تخصيص عبادة أو ذكر من البدع.. التي لا أصل لها في الشرع.
- الأصل في العبادة أنها توقيفية.. فما يشرع في الإسلام من عبادة أو وقت محدد أو مكان محدد لا بد له من دليل من الكتاب أو السنة النبوية الشريفة.
- إذا كانت زيارة الغار بقصد الاطلاع.. فقد أباحه بعض العلماء، ولكن يلزم التنبيه على العامة، على أنه ليس من العبادات ولا أصل فيه حتى لا يتبعه، ويقتدي بفعله الجهلاء أو بسطاء العقول أو حديثي العهد بالإسلام، فيغلب عليهم الظن أن زيارة الغار من العبادات والقربات لله -تعالى-.
- نبه العلماء على أنه لا يستحب تخصيص زيارة المساجد الموجودة في مكة المكرمة أو المدينة المنورة.. وإن تخصيص زيارة الأماكن من البدع وليس من السنة في شيء.
- اعتمر الرسول -صلى الله عليه وسلم- أربع مرات، وحج مرة واحدة ولم يخصص زيارة مكان غير العبادات وأماكن الشعائر معروفة في المسجد الحرام والصفا والمروة ومنى والمزدلفة وعرفات.. خلاصة قول ابن تيمية.
- لم يزور الصحابة -رضي الله عنهم- ولا غيرهم من علماء الدين غار حراء.. ولم يخصصه بشيء هو أو غيره، ولو كان مشروعًا ومستحبًا لسبقونا إليه فقد كانوا شديدي الحرص في تنفيذ العبادات والشعائر.
- أجاب بعض العلماء في فتوى.. أنه إذا ذهب المسلم من أجل الاطلاع المحض.. ولكن يجب الحرص الشديد من الوقوع في البدع والمنكرات، ولا يخصص عبادة ولا ينشر ذلك بأي شكل من الأشكال؛ حتى لا يقتدي بفعله أحد من المسلمين.
غار حراء في الشعر العربي
إن كل ما جاء في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- كان مصدر إلهامًا للشعراء المسلمين العرب، وجاء ذكر مكة المكرمة، وجميع الأماكن التي جاء ذكرها في السيرة النبوية العطرة؛ لذلك كثر ذكرها في أشعارهم.
حيث إن مكان غار حراء مهبط الوحي.. جاء في كثير من أبيات الشعر الإسلامي، وقد تردد ذكره عند كثير من شعراء العرب بعد البعثة المحمدية، ومنه قول الشاعر حسن عبد الله القرشي في قصيدة (ظلال الغار):
هِّللي يا بطــاحَ مكـةَ حَقَّـتْ دعوةُ الحقِّ من فتاكِ الرشيــدِ
هزّه الوجدُ حين وافاه (جبـــريلُ) ببشرى ابتعاثِهِ المشــهودِ
وزها البشْرُ من خديجــة ثــرّاً فرعته فرْحَى بقولٍ مجيــــدِ
ثم ألوى ميمماً وجهة الغاررِ بتكبيرة الإلـــه الحميـدِ
هي لحنُ الأجيالِ أنشودة الخير ورمــز الإلهـام والتشـييدِ
أشرقت بالهدى رحابُ الصحاري من سهولٍ مبسوطةٍ ونُجـودِ
فنجد في الأبيات السابقة.. كيف انتقل الشاعر من سعة مكة وشعابها إلى ضيق مكان غار حراء في مكة، فأضاء هذا المكان الضيق بما نزل عليه من الوحي مكة ومن بعدها الدنيا كلها بتعاليم الدين الحنيف.. الذي يسمو بالأخلاق الإنسانية إلى أعلى درجات الرقي.
القراء الذين اطلعوا على هذا الموضوع قد شاهدوا أيضًا:
وصف غار حراء في شعر الزهراني
من الشعراء الذين ذكروا غار حراء في أشعارهم الشاعر ناصر بن مسفر الزهراني.. فهو يصف الغار بأنه منبع أنوار العلوم وأفضلها وأشرفها، وكان كلما رأى الغار ارتجف قلبه من هيبة المكان وشموخه، ويشعر بجنبات قلبه كأنها ترفرف، فيقول:
هنا انبثاقة أنوار العلوم هنا مهوى قلوبٍ وأرواحٍ وانظاري
ومن هنا خير من سارت به قدم وخير هادٍ ومبعوث ومختار
هنا أتى الروح للمختار يأمره اقرأ. فما أعظم المقروء والقاري
وعاد يرجف والتفكير في ذهل إلى خديجة يشكو خوف أضرارِ
قالت له لن ترى ضيمًا ولا كدرا لا مكرم الضيف والمعدوم والجار
فقام ينشر للدنيا هدايته وأشرق الفجر من بوابة الغار
هناك أشعار كثيرة تخطف القلوب من بديع ألفاظها، وما تحمله من مشاعر الحب والعشق لكل ما جاء في سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- العطرة.. وتمتلئ بها أشعار المسلمين الذين عبروا بأجمل الصور والأساليب عما يدور في أفئدتهم من تعظيم للإسلام وشعائره.
كنا قد ذكرنا لكم فيما سبق إجابة شافية لسؤال أين يقع غار حراء .. كما ذكرنا وصف غار حراء، وذكرنا حديث السيدة عائشة -رضي الله عنها- عن بدء نزول الوحي في غار حراء، وحكم زيارته في الدين الإسلامي.. كما عرضنا بعضًا من أشعار العرب حول غار حراء، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة والنفع.