من هو سيد الخزرج ؟ من الذين أسلموا في المدينة سيد الخزرج، فترى من هو سيد الخزرج وما هي مواقفه في الإسلام؟ وما هي أهم الصفات التي عرفت عنه؟ فهو صحابي جليل من الأنصار الذين نصروا الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- في المدينة المنورة.. وثبتوا دعائم الدعوة الإسلامية في المدينة المنورة، وسطّرت قصصهم الخالدة أسمى معاني الإنسانية في التضحية والفداء والكرم، ومن خلال الجولة التي يصحبكم بها موقع شملول يمكنكم الاطلاع على بعض المعلومات المتعلقة بتلك الشخصية.
إن الخزرج من القبائل العربية التي سكنت يثرب قبل هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتصل سلالة الخزرج إلى قبيلة أزد في اليمن، وتعني كلمة الخزرج الرياح القوية أو الرياح الجنوبية.
كما كانت تشتهر قبيلة الخزرج بالشجاعة والكرم.. ومن الشعراء الذين عرفوا بها الشاعر ـ كعب بن مالك.. أحد الشعراء المهمين الذين دخلوا الإسلام.
تجدر الإشارة إلى أنه دخلت قبيلة الخزرج في نزاعات وحروب مع قبيلة الأوس.. والتي استمرت لفترات طويلة تصل لمئة عام، وانتهت تمامًا بعد دخول الإسلام إلى المدينة المنورة، وذلك عقب هجرة الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وسمّوا بعد ذلك جميعًا بالأنصار.
كان ممن شهد بيعة العقبة الثانية من الثلاثة والسبعين رجلًا أحد زعماء الخزرج.. والذي كان من أشرافها ووجهائها، كما أنه بايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- ولم ينتظر شيء من أمور الدنيا ونعيمها الزائل، ولكنه أصبح كما كان قبل الإسلام سيد الخزرج في الإسلام هو سعد بن عبادة.
ماهي قصة سعد بن عبادة؟ ومن هو الصحابي الجليل سعد بن عبادة؟ وما هي مواقف سعد بن عبادة في الإسلام؟ تلك الأسئلة هي ما سنجيب عليه في السطور المقبلة.
سعد بن عبادة سيد الخزرج
هو سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة الخزرجيّ الانصاريّ الساعديّ، كنيته أبو قيس وأبو ثابت.. فهو السيد الشريف سعد بن عباد أبو قيس الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني النقيب سيد الخزرج -رضي الله عنه-.
ورد عن أم سعد بن عبادة أنها عمرة بنت مسعود بن قيس بن زيد مناة.. أحد النساء اللاتي بايعن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ثم توفيت بعد هجرة الرسول سنة 5 هجريًا.
حدّث عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وروى عنه الحسن البصري وسعيد بن المسيب، وله أحاديث عند النسائي وأبي داوود، قيل عنه أنه ممن شهد بدرًا، بينما جاء في (تخريج سير أعلام النبلاء) أن ابن سعد روى أن سعدًا بن عبادة:
“كان يَتهَيَّأُ للخُروجِ إلى بَدرٍ، ويَأتي دُورَ الأنصارِ يَحُضُّهم على الخُروجِ، فنُهِشَ، فأقامَ، فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: لئِنْ كان سَعدٌ ما شهِدَ بَدرًا، لقد كان حَريصًا عليها”.
سعد بن عبادة رضي الله عنه أحد نقباء الأنصار
عرض الرسول -صلى الله عليه وسلم- على الأنصار أن يختاروا من بينهم رجالًا ينوبون عنهم في المشورة.. ويقومون على أمرهم، ويأخذ الناس بمشورتهم في كل أمورهم.
اختار الأنصار من بينهم اثني عشر نقيبًا من الأوس والخزرج دون مناصفة.. أو حتى اهتمام لما كان بينهم من حروب ونزاعات، فقد أصبحوا بفضل الله إخوانًا.
إن الأساس الذي اعتمد عليه الأنصار في الاختيار هو الاستحقاق دون عصبية أو نزاع.. فاختاروا تسعة من الخزرج، واختاروا ثلاثة من الأوس، فكان سعد عبادة من بين التسعة الذين اختارهم الأنصار من الخزرج.
عرف عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حب الأنصار، وورد عن ذلك ما رواه أبو سعيد الخدري أنه قال: “لولا الهجرةُ لكنتُ امرأً مِن الأنصارِ، ولو سلَك الناسُ شِعْبًا وواديًا، وسلَكتِ الأنصارُ شِعْبًا وواديًا، لسلَكْتُ شِعْبَ الأنصارِ وواديَها، الأنصارُ شِعارٌ، والناسُ دِثارٌ، اللهمَّ ارحَمِ الأنصارَ، وأبناءَ الأنصارِ، وأبناءَ أبناءِ الأنصارِ”.
ملامح شخصية سعد بن عبادة
كان سعد بن عبادة من أشراف الخزرج المعروفون.. ونقلت عنه بعد الأخبار التي تصف أهم ملامح شخصيته، والتي نلخصها لكم فيما يلي:
مهارات سعد بن عبادة رضي الله عنه
كان سعد من الذين يكتبون باللغة العربية في الجاهلية.. وكان يحسن السباحة، ويحسن أيضًا فنون القتال مثل: الرماية، حتى إنه كان يسمى بين قبيلته بالكامل لإتقانه مهارات كثيرة.
كرم سعد بن عبادة قبل الإسلام
سعد بن عبادة من أشراف سادات قبيلة الخزرج.. الذين يشتهرون بين أقوامهم بالجود والكرم، وقد ورث هذه الصفة من آبائه وأجداده، واتصف بها في الجاهلية والإسلام.
كما كان لعائلته صيت واسع.. يأتي الناس إليها ليأكلون ويشربون فيها قبل الإسلام، ومما ورد عن سعد بن عبادة وجوده وكرمه الذي عرف عنه قبل الإسلام، أنه كان يبعث من ينادي بين الناس كل يوم: “من أحب الشحم واللحم، فليأتِ أُطُم دليم بن حارثة”.
كرم سعد بن عبادة بعد الإسلام
زادت صفة الجود والكرم عند سعد بن عبادة بعد إسلامه، فكما جاء في الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه-.. عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: “إنما بُعِثْتُ لأُتَمِّمَ مكارمَ و في روايةٍ صالحَ الأخلاقِ”.
فمن جوده وكرم سعد بن عبادة -رضي الله عنه- أنه كان يبعث بمن يدور بجفنه خلف رسول الله في كل مكان يذهب إليه؛ لكي يأكل منها الرسول ومن معه، حتى أن سعد بن عبادة كان يرسل إلى الرسول -صلى الله عليه وسلم- جفنة من ثريد اللحم أو ثريد اللبن إلى البيت الذي يكون فيه من كرمه وحبه للرسول.
كما كان يذهب إلى بيت سعد بن عبادة الواحد من الأنصار.. وفي ضيافته الرجل والرجلين من المهاجرين؛ ليكونوا ضيوفًا ببيت سعد بن عبادة، ويحكى عن سعد بن عبادة أنه كان يذهب بالثمانين رجلا من أهل الصفة إلى بيته يعشيهم.
كان من دعاء سعد المعروف عنه ما رواه عنه عُرْوَةُ.. كَانَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ يَقُوْلُ: “اللَّهُمَّ هَبْ لِي حَمْداً وَمَجْداً، اللَّهُمَّ لاَ يُصْلِحُنِي القَلِيْلُ، وَلاَ أَصْلُحُ عَلَيْهِ”.
جاء عن سعد بن عبادة -رضي الله عنه- وعن حبه للسخاء والكرم ما رواه لأَوْزَاعِيُّ عَنْ يَحْيَى بنِ أَبِي كَثِيْرٍ كَانَ لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مِنْ سَعْدٍ كُلَّ يَوْمٍ جَفْنَةٌ تَدُوْرُ مَعَهُ حَيْثُ دَارَ، وَكَانَ سَعْدٌ يَقُوْلُ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي مَالاً، فَلاَ تَصْلُحُ الفِعَالُ إِلاَّ بِالمَالِ” فكان -رضي الله عنه- يسأل الله المال لينفقه في سبيل الله، وفي وجوه الخير والكرم.
غيرة سعد بن عبادة رضي الله عنه
كان سعد بن عبادة معروف عنه الغيرة الشديدة على نسائه.. فكان لا يتزوج إلا من النساء البكر التي لم يدخل عليهن قبله أحد من الرجال.. ولا يطلق امرأة تزوجها حتى لا تتزوج من بعده رجلا غيره.
فكان من شدة غيرته لما سمع أن حد الزنا لا يقع إلا بإتيان أربعة شهود.. بأنه لن يستطع تحمل ذلك الموقف إذا وقع معه، وأنه لو رأى رجلًا مع امرأته وسيفه بجانبه سيقتله غير صافح أو متردد.
جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله- عنه قالَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ: يا رَسولَ اللهِ، لو وَجَدْتُ مع أَهْلِي رَجُلًا لَمْ أَمَسَّهُ حتَّى آتِيَ بأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ؟ قالَ رَسولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: نَعَمْ، قالَ: كَلَّا وَالَّذِي بَعَثَكَ بالحَقِّ، إنْ كُنْتُ لأُعَاجِلُهُ بالسَّيْفِ قَبْلَ ذلكَ، قالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: اسْمَعُوا إلى ما يقولُ سَيِّدُكُمْ، إنَّه لَغَيُورٌ، وَأَنَا أَغْيَرُ منه، وَاللَّهُ أَغْيَرُ مِنِّي.”
جاء في صحيح البخاري هذا الحديث في رواية المغيرة بن شعبة زيادة فيها.. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “…ومِنْ أجْلِ غَيْرَةِ اللَّهِ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ ما ظَهَرَ منها وما بَطَنَ، ولَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ العُذْرُ مِنَ اللَّهِ، ومِنْ أجْلِ ذلكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ والمُنْذِرِينَ، ولَا أحَدَ أحَبُّ إلَيْهِ المِدْحَةُ مِنَ اللَّهِ، ومِنْ أجْلِ ذلكَ وعَدَ اللَّهُ الجَنَّةَ.”
بين الرسول -صلى الله عليه وسلم- لسعد بن عبادة أن كل صفة سواء كانت محمودة أو مذمومة.. لا بد أن يحكمها الشرع؛ لأن الله -تعالى- له الأمر كله والحكمة البالغة فيما يحكم ويأمر، وعرفت هذه القصة عن غيرة سعد الشديدة.
القراء الذين اطلعوا على هذا الموضوع قد شاهدوا أيضًا:
شجاعة سعد بن عبادة رضي الله عنه
كان سعد بن عبادة معروف بين قومه إتقانه لفنون القتال وشجاعته وإقدامه.. ومن المواقف التي تشهد على شجاعته بعد الإسلام، وفي غزوة الأبواء وهي أول غزوة غزاها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في السنة الثانية من الهجرة لم يأخذ فيها الرسول أي من الأنصار، ومن ثقة الرسول في سعد بن عبادة -رضي الله عنه- استخلفه على المدينة.
من المواقف التي تشهد لسعد بن عبادة بالشجاعة والتضحية في سبيل الله.. أنه عندما علم الرسول -صلى الله عليه وسلم- أن أبا سفيان، فشاور الرسول -صلى الله عليه وسلم- المسلمين من المهاجرين والأنصار للخروج.
عندما سمع الصحابة -رضي الله عنهم- تكلم أبو بكر وعمر -رضي الله عنهما- فلم يرد عليهم الرسول وأعرض عنهما.. حتى قام سعد بن عبادة -رضي الله عنه-، وجاء في صحيح مسلم هذا الموقف.
فعن أنس بن مالك أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ شَاوَرَ حِينَ بَلَغَهُ إقْبَالُ أَبِي سُفْيَانَ.. قالَ: فَتَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ، فأعْرَضَ عنْه، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ، فأعْرَضَ عنْه، فَقَامَ سَعْدُ بنُ عُبَادَةَ، فَقالَ:
“إيَّانَا تُرِيدُ يا رَسولَ اللهِ؟ وَالَّذِي نَفْسِي بيَدِهِ، لو أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا البَحْرَ لأَخَضْنَاهَا، ولو أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إلى بَرْكِ الغِمَادِ لَفَعَلْنَا قالَ: فَنَدَبَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ النَّاسَ، فَانْطَلَقُوا حتَّى نَزَلُوا بَدْرًا”.
فكانت له مواقفه -رضي الله عنه- التي أظهر فيها التضحية والفداء ونصرته لله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- فثبت على إسلامه وإيمانه بالله.. وتوفي سعد بن عبادة سيد الخزرج في حوران بأرض الشام عام 13 للهجرة وقيل 14 للهجرة.
بذلك نكون قد عرضنا لكم الإجابة عن سؤال من هو سيد الخزرج، كما ذكرنا بعض المعلومات عن الصحابي الجليل سعد بن عبادة وأهم صفاته التي نقلت عنه.. وبعضًا من مواقفه في الإسلام التي تشهد له بحبه إلى الله ورسوله، ونتمنى أن نكون قد قدمنا لكم الإفادة والنفع.