ما الذي جرى للنبي محمد في غار حراء (قصه سيدنا محمد في غار حراء ) من الأماكن التي اكتسبت شهرة كبيرة على مدار التاريخ ويخلد اسمه في أذهان المسلمين إلى وقت قيام الساعة وذلك لكونه المكان الذي شهد فيه تبليغ وتكليف نبي الله وخاتم المرسلين سيدنا محمد صل الله عليه بأخر رسالة سماوية وهو نشر الدين الإسلامي .
ماذا حدث للنبي في غار حراء
كان رسول الله صل الله عليه وسلم مختلف عن أهله وعشيرته ولا يتبع لعقيدتهم ولا شريعتهم حيث كان في ذلك الوقت يعبدون الأصنام إلا أنه صل الله عليه وسلم لم يسجد لصنم قط وكان ينفر منهم ويبتعد عنهم ويعتز لهم جميعا ويذهب إلى غار حراء وفي أحد الأيام وعندما كان سيدنا محمد (ص) كان يتعبد في الغار كعادته .
دخل عليه سيدنا جبريل عليه السلام في هيئة رجل ووجه الكلام لرسول الله (ص) بقوله أقرا وحينها رد عليه (ص) قائلا ما أنا بقارئ لكونه (ص) كان أمي لا يعرف القراءة والكتابة وحينها غطي سيدنا جبريل عليه السلام النبي (ص) إلى أن بلغ منه الجهد واستمر هذا الفعل 3 مرات وفي المرة الثالثة أكمل قوله تعالى {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ * اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ} [العلق: 1- 3]
نزول الوحي في غار حراء
وقد روت السيدة عائشة رضي الله عنها ما حدث في غار حراء ليلة نزول الوحي على رسول الله صل الله عليه وسلم وذلك عندما بلغ النبي (ص) سنته الأربعين وكان يتعبد كعادته في الغار في إحدى ليالي رمضان ؛
“عَنْ عائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِينَ أنَّها قالَتْ: أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ، فَكانَ لا يَرَى رُؤْيا إلَّا جاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ، ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه – وهو التَّعَبُّدُ – اللَّيالِيَ ذَواتِ العَدَدِ قَبْلَ أنْ يَنْزِعَ إلى أهْلِهِ، ويَتَزَوَّدُ لذلكَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِها، حتَّى جاءَهُ الحَقُّ وهو في غار حراء، فَجاءَهُ المَلَكُ فقالَ: اقْرَأْ، قالَ: ما أنا بقارِئٍ،
قالَ: فأخَذَنِي فَغَطَّنِي حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، قُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حتَّى بَلَغَ مِنِّي الجَهْدَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: اقْرَأْ، فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ، ثُمَّ أرْسَلَنِي، فقالَ: {اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ * خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ * اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ} [العلق: 1- 3] فَرَجَعَ بها رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- يَرْجُفُ فُؤادُهُ،
ماذا فعل النبي بعد نزول الوحي عليه
فَدَخَلَ علَى خَدِيجَةَ بنْتِ خُوَيْلِدٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْها-، فقالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ، فقالَ لِخَدِيجَةَ وأَخْبَرَها الخَبَرَ: لقَدْ خَشِيتُ علَى نَفْسِي، فقالَتْ خَدِيجَةُ: كَلّا واللَّهِ ما يُخْزِيكَ اللَّهُ أبَدًا، إنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ، وتَحْمِلُ الكَلَّ، وتَكْسِبُ المَعْدُومَ، وتَقْرِي الضَّيْفَ، وتُعِينُ علَى نَوائِبِ الحَقِّ، فانْطَلَقَتْ به خَدِيجَةُ حتَّى أتَتْ به ورَقَةَ بنَ نَوْفَلِ بنِ أسَدِ بنِ عبدِ العُزَّى ابْنَ عَمِّ خَدِيجَةَ،
وكانَ امْرَأً تَنَصَّرَ في الجاهِلِيَّةِ، وكانَ يَكْتُبُ الكِتابَ العِبْرانِيَّ، فَيَكْتُبُ مِنَ الإنْجِيلِ بالعِبْرانِيَّةِ ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَكْتُبَ، وكانَ شيخًا كَبِيرًا قدْ عَمِيَ، فقالَتْ له خَدِيجَةُ: يا ابْنَ عَمِّ، اسْمَعْ مِنَ ابْنِ أخِيكَ، فقالَ له ورَقَةُ: يا ابْنَ أخِي ماذا تَرَى؟ فأخْبَرَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خَبَرَ ما رَأَى، فقالَ له ورَقَةُ: هذا النَّامُوسُ الذي نَزَّلَ اللَّهُ علَى مُوسَى، يا لَيْتَنِي فيها جَذَعًا، لَيْتَنِي أكُونُ حَيًّا إذْ يُخْرِجُكَ قَوْمُكَ،
فقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوَ مُخْرِجِيَّ هُمْ، قالَ: نَعَمْ، لَمْ يَأْتِ رَجُلٌ قَطُّ بمِثْلِ ما جِئْتَ به إلَّا عُودِيَ، وإنْ يُدْرِكْنِي يَوْمُكَ أنْصُرْكَ نَصْرًا مُؤَزَّرًا. ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ ورَقَةُ أنْ تُوُفِّيَ، وفَتَرَ الوَحْيُ”
موقع غار حراء
- يتصف غار حراء بكونه فجوة صخرية صغيرة للغاية يمكن موقعها أعلى جبل حراء ويطل على مكة المكرمة وكان يطلق على هذا الجبل اسم جبل النور وفيما بعد كان يطلق عليه أيضا اسم جبل الإسلام نسبة بنزول الوحي على رسول الله صل الله عليه وسلم به .
- اما عن الموقع الجغرافي للجبل حراء فهو يقع في شمال شرق مدينة مكة المكرمة ويقع في يسارك وأنت ذاهب إلى جبل عرفات ويبلغ ارتفاعه نحو 634 متر والمسافة بينه وبين المسجد الحرام نحو 4 كيلو متر ، ويستطيع الفرد الذهاب إلى الكعبة من خلال جبل حراء وذلك عبر فتحة بابها والتي يبلغ طولها نحو 5 أذرع إلا ربع ويتسع لـ 5 أفراد فقط .
مكانة غار حراء عند المسلمين
- وجد رسول الله صل الله عليه وسلم راحته في اعتزال قومه وعشيرته والذهاب إلى خلوته في غار حراء حيث كان يتفكر في خلق الله تعالى وحقيقة الخلق والكون وكيف ان الناس بعيدين كل هذا البعد عن كون هناك ألله خالق لهذا الكون ومدبر الأمور وكيف لهم أن يسجدوا لتماثيل من حجارة من صناعة أيديهم .
- وقد حظي صل الله عليه وسلم بالهناء وراحة البال في غار حراء وزاده بالتعبد فيه ونزول الوحي عليه هناك وكانت تلك بشائر تبليغ رسول الله صل الله عليه بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين وأول خطي الدعوة للدين الإسلامي وتوحيد الله عز وجل ويقال أنه بعد تلك الواقعة ونزول الوحي لم يعد يذهب رسول الله (ص) إلى غار حراء وفسر العلماء والفقهاء هذا الأمر حتى لا يجيز الذهاب فيما بعد للغار للتعبد أو التفكر أو حتى أخذ المباركة منه .
الخلوة والتفكر في الإسلام
- الخلوة في حياة سيدنا محمد صل الله عليه وسلم داخل غار حراء لها العديد من الدلالات والمعاني في حياة أي مسلم أهمها أن أداء الفرد لواجباته ومسؤولياته لا يجب أن يغني او يشغلك عن العبادات ويجب على كل انسان ان يختلي بنفسه من وقت لآخر ليحاسب نفسه ويقيمها ويعيد ترتيب حياته من البداية مرة أخري .
- ومن أكثر الآفات التي تصيب الإنسان من الدنيا وهي ضمن الصفات المذمومة والتي يجب الابتعاد عنها هي خوض الإنسان فيما لا يعنيه وانشغاله بأحوال الآخرين والنظر إلى ما متع الله به غيره وعدم الرضا بأحواله والحسد والغرور والتكبر كل تلك الصفات تعمل على بعد النفس البشرية عن الله عز وجل والتضرع إليه .
- وعليه يجب على كل مسلم ومسلمة إلا يغفل مطلقا عن تذكير نفسه بعبادة الله عز وجل والصلاة والعبادات والإكثار من الدعاء والاستغفار والتسبيح وذكر الله تعالى كثيرا من القلب واللسان وأن يتق الله دوما في نفسه وأفعاله وينتبه إلي ما متعه الله من نعم وينشغل بنفسه وبرضا المولي سبحانه وتعالي .
بذلك نكون قد وصلنا لختام مقال اليوم ويسعدنا استقبال رسائلكم وتعليقاتكم أسفل المقال .